دورة حياة المنتج | تجنب الخسارة بفهم دورة حياة المنتج
فهم دورة حياة المنتج يعتبر من أهم المفاهيم التي يجب أن يدركها رجال الأعمال والتجار أو كل أصحاب المشاريع بشكل عام للتمكن من فهم الوقت المناسب للعمل أو التجارة في منتج معين والوقت المناسب لإيقاف العمل بهذا المنتج وفي حالة الشركات المنتجة يجب أن يكون لديهم وعي بدورة حياة المنتج لتحديد الوقت المناسب للإنفاق علي الحملات الإعلانية والأساليب الترويجية وحجم الإنتاج العالي وتحديد الوقت المناسب لتقليل حجم الإنتاج وتقليل أو التوقف عن الترويج للمنتج وبدء مرحلة الانكماش إلي نهاية تواجد المنتج بشكل طبيعي لعدم التعرض لخسائر كما حدث مع شركة كوداك، ولذلك سنوضح بالتفصيل كل ما يتعلق بدورة حياة المنتج مع ذكر بعض الأمثلة في هذه المقالة.
ما هي دورة حياة المنتج ؟
دورة حياة المنتج أو product life cycle وتعرف إختصاراً (PLC) هي ٤ مراحل يمر بها المنتج بدايةً من فترة إطلاقه 🚀 أو تقديم المنتج للسوق إلي فترة إيقاف الإنتاج أو أنتهاء حياة المنتج ☠️ وتتكون هذه المراحل الأربعة من مرحلة الإطلاق ويليها مرحلة النمو ثم تأتي مرحلة النضج أو الاستقرار وتنتهي بمرحلة الانحدار.
مرحلة التقديم أو الإطلاق: هي المرحلة الأولي وهي عبارة عن تقديم المنتج أو ظهور المنتج لأول مرة في الأسواق، وفي هذه المرحلة لا يكون لدي العملاء المحتملين وعي بالمنتج ومميزاته والمنفعه منه، كما يكون لدي الشركة المُنتجة والتاجر أيضاً ترقب لردود أفعال العملاء حول المنتج، ولذلك يحتاج المنتج في هذه الفترة إهتمام وتتبع للآراء وتطوير من جانب الشركة المصنعة للوصل للمستوي المطلوب وميزانية إعلانية أكبر من أي وقت أخر لدخول مرحلة النمو.
مرحلة النمو: هي المرحلة الثانية وبها يكون المنتج قد وصل إلي الشكل النهائي أو تم معالجة أي أخطاء تم أكتشافها مع بدء تجربة المستهلكين وفي نفس الوقت تكون الحملات الإعلانية قد حققت الوعي اللازم وبدء الطلب علي المنتج في التزايد وتكون هذه هي مرحلة النمو
مرحلة النضج أو الاستقرار: هي المرحلة الثالثة وهي عبارة عن ثبات وإستقرار المنتج علي النتائج التي وصل لها في نهاية مرحلة النمو من حيث مستوي الطلب وحجم المبيعات وتظل حالة الاستقرار حتي الوصول إلي مرحلة الانحدار بسبب تشبع أو ظهور بديل أفضل أو حدوث تطورات في السوق لم يلازمها تطوير للمنتج، أو أن يكون المنتج له إصدارات أحدث في كل عام جديد أو كل فترة زمنية محددة وبالتالي يتم إيقاف إنتاج الإصدارات الأقدم مثل الهواتف الذكية والحواسيب والسيارات.
مرحلة الانحدار: هي المرحلة الرابعة والأخيرة وهي التي تبدء فيها المبيعات بالانخفاض إلي أن تتوقف تماماً وتبدء هذه المرحلة مع ظهور الأسباب المذكورة في المرحلة السابقة.
ما الفائدة من فهم دورة حياة المنتج؟
الفائدة أو المنفعة أو الهدف النهائي من فهم دورة حياة المنتج هو تعظيم الأرباح في الوقت المناسب من حياة المنتج ومحاولة تجنب الخسائر التي قد تتعرض لها الشركات في بعض مراحل حياة المنتج والتي غالباً ما تكون في مرحلة الإطلاق أو مرحلة الانحدار، ويختلف حجم الربح والخسارة باختلاف نوع النشاط من تجاري لصناعي ودرجة وعي الشركة بالمرحلة التي يتواجد بها المنتج.
ولذلك يجب علي الشركات المصنعة للمنتج عدم إنتاج كميات كبيرة في المرحلة الأولي للمنتج ويجب أيضاً علي التجار عدم شراء كميات كبيرة إلا بعد التأكد من دخول المنتج في مرحلة النمو أو عدم مواجة المنتج أي مشاكل في المرحلة الأولي، كما يجب علي الشركات المصنعة أن تقلل الإنتاج في مرحلة الانحدار وأن توقف الإنتاج قبل انعدام الطلب بشكل كامل، ويجب علي التجار أيضاً تقليل الكميات التي يقومون بشرائها من منتج في مرحلة الانحدار أو التوقف تماماً، إلا في حالة وجود تخفيض علي هذه المنتجات ولدي التاجر علم بوجود طلب كافي لتصريف الكمية التي سيقوم بشرائها، وفي الأمثلة القادمة ربما توضيح أفضل.
يوجد بعض الشركات لم تدرك مرحلة الانحدار للمنتج الذي تنتجه وكانت نتيجة ذلك أنتهاء الشركات أو العلامات التجارية وخروجها من المنافسة تماماً واستحواذ شركات أخري علي الحصص السوقية للشركات التي لم تستجيب للتطورات أو تدرج الوصول للمرحلة الأخيرة، سنذكر بعض هذه الشركات مع بعض الأمثلة الأخري التي توضح دورة حياة المنتج.
إفلاس شركة كوداك بسبب عدم إدراك مرحلة الانحدار
تأسست شركة كوداك في الربع الأخير من القرن الثامن عشر تقريباً عام ١٨٨٩ م، وأصبحت رائدة إنتاج الكاميرات القديمة وأفلام الكاميرات، واستمرت نجاحات وقيادة شركة كوداك لسوق الكاميرات قرن أو ربما أكثر من ١٠٠ عام، إلي أن عينت شركة كوداك مهندس أسمه ستيف ساكسون (Steve sasson) الذي عرض عليهم فكرة تطوير الكاميرات التقليدية إلي كاميرات رقمية والتي كانت نقطة محورية في تاريخ شركة كوداك.
رفضت الشركة فكرة المهندس الشاب (Steve sasson) وسجلت الإبتكار كبراءة إختراع وطلبت من المهندس عدم التحدث عن هذا الإبتكار حالياً، وأجلت العمل علي تصنيع الكاميرا الرقمية، إلي تفاجئت 😱 بالشركات المنافسة التي كانت تسبقها كوداك بفارق كبير في سوق الكاميرات ،علي رأسهم سوني وكانون بدأت في الإنتقال لإنتاج هذه الكاميرات وتتيقن كوداك متأخراً إن الكاميرات الرقمية هي المستقبل لا محال من التأجيل، وبذلك تحقق السبب الذي ذكرنا في الاعلي وهو أزاحة منتج لمنتج أخير من السوق، وبسبب هذا التأخر الكبير جداً في الانتقال إلي المنتج الجديد وعدم الاستجابة لمرحلة إنحدار الكاميرات التقليدية تعرضت الشركة لازمة مالية وأعلنت الإفلاس في عالم ٢٠١٢م.
وبذلك تكون أنتقلت الشركة من رائدة لسوق الكاميرات والأعلى في تحقيق المبيعات والأرباح إلي الإفلاس بسبب عدم الاستجابة لمرحلة الانحدار.
فشل شركة نوكيا في الاستجابة لمرحلة الانحدار
شركة نوكيا كانت تستحوذ علي ٥٠٪ من سوق الهواتف علي مستوي العالم 🌏 ثم انتهت أو تم الاستحواذ عليها في عام ٢٠١٤ فما السبب؟
تم تصنيف نوكيا في عام ١٩٩٨ كواحدة من أسرع العلامات التجارية للهواتف المحمولة مبيعاً على مستوى العالم وفي عام ٢٠٠٣ أطلقت شركة نوكيا هاتفها الأكثر مبيعاً وهو (نوكيا ١١٠٠) وفي عام ٢٠٠٧ بلغت حصة نوكيا أعلي حصة سوقية لشركة هواتف في العالم ٤٩.٤٪ وحتى يومنا هذا لم تتمكن أي شركة من تحقيق مثل هذه الحصة السوقية في هذه الصناعة.
مع وصول شركة نوكيا لقمة نجاحها وسيطرتها علي سوق الهواتف المحمولة وقعت في فخ الغطرسة والشعور بعدم الحاجة للابتكار ومواكبة التسارع في التطور بين المنافسين، وكما حدث مع شركة كوداك ظهر لشركة نوكيا منافس قوي وهو الأيفون (iPhone) من شركة آبل (Apple) وفي موقف غريب رفضت شركة نوكيا اعتبار آبل منافس ينازعها العرش أو حتي يشكل تهديداً علي حصتها السوقية و اعتبرت آبل أقل شأناً لأنها تعمل بتقنية 2G بينما تعمل هواتف نوكيا المحمولة على تقنية 3G 🤦♂️.
في عام ٢٠٠٨ أطلقت Google نظام التشغيل Android (OS) وبدء في الإنتشار، كما أصبح نظام iOS من Apple مشهورًا وكانت مبيعاته تزداد باطراد، وكان التصرف الصحيح من شركة نوكيا الذي لم تتخده هو التحول إلى نظام اندرويد، لكن استمرت في صنع هواتف بنظام تشغيل Symbian OS قديم.
ومع بدء الانهيار وانخفاض مبيعات نوكيا تأخذ الخطوة المنتظرة للتغير، لكن ليس للاندرويد 🤷♂️، اتجهت شركة نوكيا في عام ٢٠١١ للشراكة مع مايكروسوفت لصنع هاتف بنظام ويندوز وتخلت عن أنظمة التشغيل القديمة مثل Symbian و MeeGo
فشل هاتف Windows في عام ٢٠١٢ في تحسين حصة نوكيا التي انهارت امام باقي العلامات التجارية المنافسة. كان السبب الرئيسي وراء ذلك هو وجود عدد قليل من التطبيقات على متجر Windows مقارنة بمتجر Google Play store ومتجر Apple.
في عام ٢٠١٤ استحوذت مايكروسوفت علي المسكينة نوكيا التي كانت علي وشك الإفلاس بعدما كانت تستحوذ علي نصف سوق الهواتف، استحوذت مايكروسوفت علي نوكيا مقابل ٧.٢ مليار دولار.
نوكيا كانت أول شركة تقدم هواتف الجيل الثالث، والكاميرا في الهاتف والعديد من التقنيات المبتكرة،، لكن مع نمو الطلب على هواتفهم، تحول تركيزهم إلى التصنيع لتلبية تلك المطالب، وأهملت الابتكار وركزت أكثر على الإنتاج الضخم ونتيجة لذلك ، بدأت شركات مثل Samsung و Apple و HTC وغيرها في اكتساب حصص سوقية أكبر من خلال أنظمة تشغيلها المبتكرة والبسيطة، وأدركت متأخراً إهتمام المستخدمين لنظام التشغيل.
سرعة دورة حياة المنتج في الهواتف الذكية
في صناعة الهواتف الذكية تنتهي دورة حياة المنتج أسرع بكثير من منتجات في صناعات أخري، ومع تزايد المنافسة في هذا السوق أصبحت الشركات تتسارع في ابتكار وتطوير هواتفها كل عام في نفس الفئة السعرية، لينتقل المستخدمين بطبيعة الحال للمنتجات أو الإصدارات الأحدث ولذلك إذا أخفقت شركةً ما في تطوير هواتفها لتواكب تطورات السوق، قد تخرج من المنافسة كما حدث في شركة نوكيا.
لذلك ستلاحظ إنخفاض سعر بعض الهواتف بعد بداية ظهورها في السوق بعدة أشهر باستثناء بعض العلامات التجارية مثل هواتف الايفون، أغلب الهواتف تكون في بداية تواجدها في السوق بالسعر الأعلي لها قم تبدأ في الانخفاض تدريجياً لمستوي معين خلال بضع شهور إلي أن تبدأ المحلات في عدم شراء هواتف هذا العام جديدة وتبدء اكسسوارات الهاتف في الاختفاء مثل شاشة الحماية وغطاء أو غلاف (Cover) حماية الهاتف، حيث تدرك الشركات التي تنتج هذه الإكسسوارات إن الهاتف في مرحلة الإنحدار فتتوقف عن إنتاج الاكسسوار الخاصة به.
إلي هنا نكون قد انتهينا من توضيح دورة حياة المنتج وأهمية فهمها وإدراكها والمرونة معها والاستجابة لمتطلبات وتطورات الأسواق للتمكن من الاستمرار والمنافسة، ورأينا نماذج لشركات كانت في القمة ورائدة في الأسواق التي تنافس بها ثم انتهت تماماً بسبب عدم الاستجابة لتطورات السوق، إذا كان لديك أي استفسار يمكنك كتابته في التعليقات ويسعدنا معرفة رأيك في المقال 😍.